• الموقع : موقع سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني .
        • القسم الرئيسي : النشاطات العامة .
              • القسم الفرعي : مقالات وأبحاث .
                    • الموضوع : العلامة السيد محمد علي الحسيني :معاداة السامية کما نراها .

العلامة السيد محمد علي الحسيني :معاداة السامية کما نراها

العلامة السيد محمد علي الحسيني :معاداة السامية کما نراها



لايمکن لأمة منغلقة ومنطوية على نفسها ولا تتواصل مع العالم من مختلف الجوانب وعلى أکثر من صعيد، أن تصبح أمة معطاء بإمکانها الإنتاج والإبداع من کل المناحي الإنسانية وتساهم بشکل بناء في بناء الصرح الحضاري الأمثل الذي تطمح إليه وتتمناه الانسانية.

لکي تکون الأمة "أية أمة"، مبدعة و معطاء ومتواصلة بصورة مستمرة مع العالم، لابد لها من الشجاعة والجرأة في التعامل والتعاطي مع الکثير من القضايا و الأمور بروح العصر ومنطقه بعيدا عن التقوقع والانغلاق على النفس، وأن قضية "معاداة السامية"، هي واحدة من تلك القضايا التي تثير حفيظة الکثيرين و تدفعهم لإتخاذ مواقف وإصدار أحکام يغلب عليها التوتر والانفعال بعيدا عن العقل والمنطق، وبرأينا فإن هذا هو السبب وراء عدم تقبل الغرب وتفهمه للکثير من المواقف و الآراء الصادرة عنا في مختلف الامور و القضايا.

معاداة السامية والذي کما هو واضح مصطلح يشير إلى معاداة اليهود کمجموعة عرقية و دينية وأثنية، وهي أي المعاداة أساسا فکرة مرفوضة وغير إنسانية وقبل کل ذلك لاتتفق حتى مع تعاليم وقيم الأديان السماوية، ذلك أنها أساسا فکرة عنصرية إنغلاقية معادية للإنفتاح والتواصل وتدعو و تٶلب على الکراهية والحقد، ويجب أن لانتهرب من حقيقة أن اليهود قد تعرضوا فعلا للظلم والاضطهاد وبالتالي لعملية معاداة عنصرية فريدة من نوعها عبر التاريخ و ماقد تم إرتکابه بحقهم بسبب عرقهم و انتمائهم، وأن ماترويه الکتب والمصادر التاريخية عن تعرضهم لموجة عداء في أوروبا الوسطى في أواسط القرن التاسع عشر وکذلك ماإرتکبه النازيون بحقهم أثناء الحرب العالمية الثانية، و نماذج مٶسفة أخرى جرت لهم في منطقة الشرق الاوسط وتحديدا في لبنان والعراق والجزائر والجزائر وليبيا، تبين بکل وضوح أن معاداة السامية قضية لها جذورها وهي حقيقة وأمر واقع لايمکن إنکاره.

المجتمع الإنساني اليوم وبعد رحلة طويلة عبر الحقب التاريخية المتباينة وما قد واجهه وعاناه خلالها من مآسي ومصائب وويلات بسبب انغلاق المجتمعات على نفسها وشيوع الأفکار والمفاهيم التي تحث وتحفز على العداء والکراهية، فقد دفع ضرائب باهضة تجسدت في الحروب الدامية المدمرة والمجازر و المواجهات العنيفة التي يندى لها الجبين الإنساني، والذي يبدو واضحا وجليا أن إتجاه المجتمعات الإنسانية اليوم هو نحو الإنفتاح والتعايش السلمي وتقبل الآخر لذلك يجب أن نسعى نحن أيضا لنکون جزء لايتجزء منه، وإن معاداة السامية التي کانت أساسا وليدة عصور الانغلاق و شيوع المفاهيم والأفکار العدائية و الإنعزالية، فقد آن الآوان من أجل فتح صفحة إنسانية مشرقة لايکون فيها من حيز ومجال للأفکار  المعادية الانسانية.

من المهم جدا دعم فکر واتجاه عدم معاداة السامية بمٶتمر أو ملتقى يجمع بين مختلف الأطياف والأديان السماوية و حملة الفکر و دعاة الحرية من أجل مناقشة هذا الموضوع بصورة مستفيضة وشاملة والخروج بتوصيات وأفکار تقطع الطريق على کل الافکار والتوجهات الانعزالية وذات الروح العدائية للتواصل الانساني.
*العلامة السيد محمد علي الحسيني
 


  • المصدر : http://www.mohamadelhusseini.com/subject.php?id=118
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29