• الموقع : موقع سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني .
        • القسم الرئيسي : النشاطات العامة .
              • القسم الفرعي : مقالات وأبحاث .
                    • الموضوع : رؤيتنا الفكرية لمواجهة التطرف والكراهية .

رؤيتنا الفكرية لمواجهة التطرف والكراهية

يواجه العالم عموما و العالمين العربي و الاسلامي خصوصا، إضطرادا ملفتا للنظر لمنطق التطرف و الکراهية و النزعة العدوانية الاقصائية الرافضة للآخر، هذا المنطق المعادي للتعاليم السماوية و الانسانية و لکل مايمت للحضارة بصلة، يمثل أکبر تهديد معاصر يواجه الانسانية برمتها و يتطلب و بصورة ملحة بذل جهود على مختلف الاصعدة و في أکثر من مجال من أجل درء خطر هذا التهديد رغم أننا نعلم أن الصعيد الديني هو الاهم  بهذا الخصوص و يجب منحه أهمية إستثنائية لأن معظم التيارات و الجماعات المتطرفة و الارهابية تتخذ من الفهم الخاطئ و المشوه للمباني الشرعية و الفقهية و تقوم بتجييرها في سياقات تتناقض و تتخالف مع سياقاتها الاصلية الحقيقية.
 من هنا، فإننا وجدنا أن من صلب واجبنا و واجب کافة العلماء المسلمين الافاضل، التصدي لهذا المد التکفيري المنحرف عن جادة الحق و الصواب من خلال بيان حقيقة وواقع المواقف و الرؤى المستشفة من  المباني الشرعية و الفقهية.

قال الله سبحانه و تعالى في محکم کتابه المبين(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)، وقال سيدنا محمد"ص":(خير الأمور أوسطها)، التدبر في الآية الکريمة و کذلك في الحديث الشريف، يبين أن عين الحکمة و العقل تکمن في الوسطية المبنية على القاعدة المعروفة(لاإفراط و لاتفريط)، بمعنى أن لايجنح المسلم للغلو ولا للإهمال و التسيب في دينه في عين الوقت.
من يحاول تصوير الاسلام على أنه دين التطرف و الکراهية فإنه لم يفهم من الاسلام شيئا، فالاسلام أساسا وسط بين الاديان، و وسطيته واضحة في مسائل نظير الموقف من عيسى ابن مريم"ع" وکذلك فيما يتعلق بالموقف من الطلاق و القصاص و المجازاة، کذلك من حيث وسطيته في مختلف فروع العبادات، ومن الضروري جدا أن يتم لفت أنظار و عقول الشباب المسلم و کذلك أبنائنا و فلذات أکبادنا وهم على بداية الطريق کي لايصبحوا طعما سهلا للأفکار الضالة و المنحرفة المعادية للإسلام و إن تظاهرت بنصرته و الدعوة إليه.

اليوم، وفي خضم إشتداد الهجمة الفکرية ـ السياسية  للجماعات و الاوساط الضالة التي تحاول من خلال طرح تفسيرات و رؤى منحرفة و مشوهة و ضيقة جدا للنصوص الشرعية المختلفة، حرف عقول الشباب المسلم و دفعه في طريق ليس فيه أي خير و فلاح، فإن الضرورة صارت أکثر من ملحة لإطلاق حملة توعية واسعة النطاق من أجل محاربة هذه الافکار الضالة و المنحرفة التي تدعو و تحض على التطرف و الکراهية و تنامي الروح العدوانية و التکفيرية، خصوصا وأن العديد من قادة و رؤوس هذه الجماعات الضالة تتمسك بحوادث تاريخية او بنصوص شرعية فيها الکثير من الاختلاف خصوصا فيما يتعلق بالاحاديث النبوية الشريفة، حيث أن هؤلاء الذين أعمت العصبية و التطرف و الروح العدوانية بصائرهم و صاروا يكفرون کل شئ وفق مايتفق و أهواءهم المريضة، ولهذا فإن الواجب التنويري و التوعوي يأتي في مقدمة الامور التي يجب أن تؤخذ على محمل الجد.

هذه الزمر الضالة المضلة التي تزعم بأنها تنهل من السلف الصالح و من أغوار التاريخ الاسلامي، إنما تقوم بواحدة من أکثر المهمات لؤما و خبثا بحق الجانب المشرق و الناصع من التاريخ الاسلامي و من التراث المنير و المشرف للسلف الصالح، ذلك أنه وطوال مختلف المراحل و الحقب التاريخية المختلفة، کان هنالك علماء و جهابذة وسطيون يؤکدون على روح التسامح و الاعتدال الاصيلة في ديننا الحنيف، ومن المهم تفنيد و دحض المباني و الرؤى الهشة و الهامشية لهذه الزمر بإماطة اللثام عن المباني و الرؤى الثابتة الراسخة التي لت ترفضها فقط وإنما تلغيها بالمرة.

هذه الحملة الإيمانية التوعوية التي ندعو لها، يجب أن تتکافل الجهود کي تتم على أوسع صورة بحيث تتغلغل في مختلف المجالات و النشاطات حيث يمکن ضمان وصولها الى أغلب الاسماع وخصوصا فئة الشباب، وإننا نرى من الضروري ألا تکون هناك برامج إذاعية وتلفزيونية فقط وانما حتى أعمال درامية و أفلام سينمائية و مسرحية لکن الضروري و الضروري جدا أن تکون معظم هذه النشاطات و الاعمال تخضع و تتحرك على أساس هذه الحملة و تلتزم بالخطوط العامة لها کي تؤدي المهمة المرجوة منها على أحسن وجه.
*العلامة السيد محمد علي الحسيني.


  • المصدر : http://www.mohamadelhusseini.com/subject.php?id=16
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28