• الموقع : موقع سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني .
        • القسم الرئيسي : النشاطات العامة .
              • القسم الفرعي : فيديو .
                    • الموضوع : الغيبة داء، دواؤه إمساك اللسان من برنامج من مكارم الاخلاق السيد د محمد علي الحسيني .

الغيبة داء، دواؤه إمساك اللسان من برنامج من مكارم الاخلاق السيد د محمد علي الحسيني

السيد د محمد علي الحسيني من مكارم الأخلاق الغيبة داء، دواؤه إمساك اللسان

 

 

صفة منبوذة  تسبب للكثير من الناس آلاما وأحزانا  بلْ  وتتسبب في القطيعة وتفشي الكراهية وقطع العلاقات وغيرها من العواقب  منهي عنها في الإسلام وفي كل الشرائع  ويقشعر منها كل ضمير حي  

 

‌ سنتعرف على هذه الآفة  ولماذا تفشتْ في مجتمعاتنا  عن أسبابها ونتائجها وكيفية القضاء عليها  نخصص حلقة اليوم من برنامج  من مكارم الأخلاق عن الغيبة

 

 

كثير منا يجلس في بيته أو في الأماكن العمومية أو في العمل يتبادل الكلام عنْ مواضيع معينة  فجأة يتحول الموضوع إلى الكلام عن شخص معينْ تعْرفْ  البارحة رأيت فلانا  ذلك القصير مجعد الشعر بملابس مضحكة او فلانة فعلت كذا وقال كذا  القيل والقال ...ويسترسل في الحديث  بأقسى التوصيفات

 

هذا يا أخي ويا أختي حفظكمْ الله  قول وسلوك ضار وخبيث  يسمى بالغيبة  

 

 

لذلك اسمحولي أن أقول لكمْ   قد تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم فكما لا تحب أن يتحدث عنك الناس بما تكرهْ  فأخوك أو أختك في الله أيضا يكرهون منك هذا التصرف أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميْتا فكرهْتموه

إن مثل هذه التصرفات تزرع الكراهية ومشاعر البغض في قلب الإنسان ولا شك أنها تؤدي إلى زرع الضغينة بين الأصدقاء والإخوة والأقارب فتقْطع العلاقات وصلة الرحم بسبب كلمة أو فعل قلّل فاعله منْ عاقبته

 

قد لا يفهم الشخص هذا الكلام  إلا عندما يكون ضحية للغيبة  لذلك اعلموا يرحمكمْ الله  كما تغتاب كما يغتابك الآخرون

 

 

وقدْ عرفها الحبيب المصطفى   بقوله  هل‌ تدرون‌ ما الغيبة‌  قالوا  الله ورسوله‌ أعلمْ‌   قال‌   ذكرك‌ أخاك‌ بما يكرهْ‌

 

على أي‌ حال‌ فإن‌ الغيبة‌  هي منْ‌ أخس‌ّ السجايا و‌الصفات‌  وأخطر الجرائم‌ والآثام‌  بلْ هي‌ من الذنوب‌ الكبيرة‌  وكفاها ذمّا أن‌ الله تعالى‌ شبّه‌ المغتاب‌ بأكل‌ لحم‌ الميتة‌  فقال جل علاه‌  يا ايّها الّذين‌ آ منوا اجْتنبوا كثيرا من‌ الظّن‌ّ  إن‌ّ بعْض‌ الظّن‌ّ إثْم‌  ولا تجسّسوا ولا يغْتب‌ْ بعْضكم‌ْ بعْضا  ايحبّ احدكم‌ْ ان‌ْ ياْكل‌ لحْم‌ اخيه‌ ميْتا فكرهْتموه‌

 

 

 

وجميل ان نذكر هذا الحديث للفائدة والعبرة قال النبي محمد  يؤتى‌ بأحدكمْ يوم‌ القيامة‌  يوقف‌ بين‌ يدي ‌الله  ويدفع‌ إليه‌ كتابه‌ فلا يرى‌ حسناته ‌فيقولْ ‌ إلهي‌ ليس‌ هذا كتابي‌ فإني‌ لا أرى ‌فيها طاعتي‌  فيقال‌ له‌  إن‌ ربّك‌ لا يضل‌ّ ولاينسى   ذهب‌ عملك‌ باغتيابك‌ الناس‌   ثم ‌يؤتى‌ بآخر ويدفع‌ إليه‌ كتابه‌  فيرى‌ فيها طاعات‌ كثيرة‌   فيقولْ‌  إلهي‌ ما هذا كتابي‌ فإني‌ ما عملت‌ هذه‌ الطاعات  فيقال‌   لأن ‌فلانا اغتابك‌ فدفعتْ‌ حسناته‌ إليك‌

 

يا الاحبة  إن هذا الحديث النبوي   يؤكد على خطورة هذه الصفة البذيئة التي يستهينها كثيرون  كما أن وبالها ليس فقطْ في الدنيا  وإنما حتى في الدار الآخرة  والأخطر منْ ذلك أنها أشد من الزنا  كما قال ص  صاحب‌ الزنا يتوب‌  فيتوب‌ الله عليه‌ وصاحب‌ الغيبة ‌ يتوب‌ فلا يتوب‌ الله عليه‌   حتى ‌ يكون‌ صاحبه‌ الذي‌ يحلّه‌ لانه حق خاص

 

وفي أولئك الذين يحْضرون مجالس الغيبة يقول الشاعر المعري :

 

من جالس المغتاب فهو مغتاب …

 

وكما قال الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو  ليس من الحرية الأدبية  أنْ تقول في الغائبين شيئا لا تجرؤ أنْ تقوله لهمْ وهمْ حاضرون

 

لذلك قدْ يعتقد البعض خطا أن السامع لمجلس فيه غيبة  لا شيء عليه  ونحن نؤكد لكمْ أن السامع للغيبة كالمغتاب أي حكمه حكم المغتاب اذا لم ينكر ذلك

 

قدْ يتساءل أحدكمْ  ما الذي يجعلنا نغتاب أي إنسان طالما أنها صفة مذمومة؟

الجواب أيها الأحبة  يكمن في أمراض قلبية أخرى  توقعنا في آفة الغيبة كالعداوة أو الحسد

أيضا هناك المباهاة‌  وذلك‌ بذكر مساوئ‌ الغير والمباهاة‌ بالترفّع‌عنْها والبراءة‌ منها

كما يندفع البعض للغيبة مجاراة‌ للأصدقاء والخلطاء  خشية‌ منْ ‌نفرتهمْ‌ إذا لمْ‌ يجاريهمْ‌ في‌ ذلك‌

إضافة إلى ذلك قد يغتاب الأخ أخاه  في حالات الغضب والاستهزاء أو في حالة اللعب والهزل وفي كل هذه الحالات فإن الغيبة حرام

 

لذلك الواجب‌ عليك أيها ‌ المغتاب‌  أنْ‌ تندم‌ وتتوب‌ على‌ ما فعلت‌  وتتودّد إلى‌ من اغتبته وتطلب السماح منه فقدْ سئل‌ ص   ما كفارة‌ الاغتياب‌؟ قال‌   تستغفر الله لمنْ‌ اغتبته‌ كلمّا ذكرته‌

 

 

أما بالنسبة إلى كيفية التصدي لهذه الصفة المذمومة ومعالجتها  فعلى الإنسان قبل كل شيء  أنْ يروض ويهذب ويتدرب لسانه على عدم الكلام عن الناس بسوءْ

 

وعليه أنْ يعي مفاسدها الدنيوية  فهي منشا للعداوة ‌ وتترك‌ آثارا في‌النفس‌  منها الضغينة‌ والعدواة ‌ اتجاه‌ المستغاب.

 

كنْ على الأكيد أيها المغتاب  أنك ستسقط‌ من‌ أعين‌ الناس‌  وتنهار الثقة التي وضعوها فيكْ

لذلك أيها المغتاب  تعرفْ على معاني الصدق وحفظ‌ أعراض‌ الناس‌ ومحبة‌ الناس‌ لك وثقتهمْ‌ بك‌

 

و‌اقطعْ‌ أسباب هذا المرض الخطير منْ غضب‌ وحقد و حسد واستهزاء وسخرية وهزل‌ وغيرها

 

راقبْ‌ كلامك‌ وأفعالك‌  فإنْ تعرضت ‌لموقف فيه اغتياب للآخرين فعليك أنْ تمسك لسانك وأن تقف بالمرصاد لهذه المجالس  وتسعى إلى استبدال‌ الغيبة‌ بالأحاديث‌ المفيدة‌ والقصص‌ الهادفة واعلمْ‌ أن‌ّ حسناتك‌ تنتقل إلى من‌ استغبته‌  وكذا تنتقل‌ سيئات‌ المستغاب‌ إليك ‌ يعني أن عمل الخير الذي ستفعله سيكون هباء منثورا

وتأكدْ أن غيبة الناس سلاح الضعفاء   ونوع‌ من الضعف‌ الروحي‌ وضعف في‌ شخصية‌ الإنسان  وتركها يوجب‌ صفاء الروابط ‌الإجتماعية‌ والعيش‌ بأمانْ‌

في الختام  أوصيكمْ وأوصي نفسي بما قاله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

عليكم بذكر الله فإنه شفاء              وإياكمْ وذكر الناس فإنه داء

 

 


  • المصدر : http://www.mohamadelhusseini.com/subject.php?id=547
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 07 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29